بسم الله الرحمن الرحيم

البداية

كانت بدايتي مع التجارة مثل معظم من عاش في نفس الجيل جيل السبعينات والثمانينات والتسعينات عندما كنت في سن التاسعة من عمري كنت اصنع العاب الأطفال الشعبية وابيعها مثل (المقلاع) الذي كانت مصادري من افرع الاشجار وبقايا السراير القديمة، كذلك العربات الصغيرة باستعمال قطع غيار السيارات القديمة (الكوشينيتي) أو العاب السيارات بإستعمال علب الزيت الفارغة وغيرها الكثير.

أين المصدر

بعد ذلك عندما كبرت قليلاً كنت احب ان اتمشى في الأسواق واسأل نفسي من أين مصادر كل تلك البضائع؟ لا أحد يجيبني بأعتبار انها من أسرار المهنة مع أبتسامة صفراء كأن الشخص الذي اسأله لسان حاله يقول لي ان لست من طبقتنا ولا يجب ان تعرف حتى لا تصل لطبقتنا، هذا الشعور جعلني ازيد اصراراً لمعرفة المصدر الذي جعل فرق في الطبقات الاجتماعية بين الناس.

توصلت إلى اول رأس خيط وهو سوق التوانسة للبيع بالجملة ومنه فتحت محل صغير كان والدي يقوم بتخزين اشياء قديمة فيه مثل عادة الشياب القدماء وكانت مهمة صعبة لإقناعه بالتخلي عن ما جمعه خلال سنوات حياته ورميه بكل بساطة وفتحت محل مواد غذائية وعمري لم يتجاوز الخامسة عشر عاماً وكانت اول تجربة لي جعلتني احب هذه المهنة واتشربها بكل جوارحي لاني اكتشفت ان من يعيشون حياة الرفاهية والغنى ويتكبرون على الناس بيننا وبينهم معلومة ( أين المصدر) فكل شيء له سبب ومسبب.

المرحلة الأولى

تخللت هذه المرحلة العديد من الصعوبات تغلبت على معظمها وكوني صغير السن فكانت الصعوبات مضاعفة لان المجتمع لم يكن يؤمن أن شاب صغير ممكن أن يكون تاجر أو صاحب رأس مال. من ذلك اليوم لم يعد جيبي فارغاً بفضل الله ولم أهتم كثيراً للمال لأني ببساطة عرفت المصادر واستخدمها متى شعرت اني بحاجة لبعض المال.

إلى جانب هذه المهنة الرائعة كنت ادرس ومتمسك بدراستي وحلمي لأن اصبح عالماً في العلوم أو الفيزياء أو الألكترونيات وكنت متعطشاً للعلوم والقراءة بشكل رهيب لكن تعود الضروف الاجتماعية للدولة للواجهه عندما يسرقون منك حلمك، الشيء الوحيد الذي احتفظت به هو حبي للتجارة وأن اكون رجل أعمال. كنت مهتم بكل شيئ بالرياضة والسياسة والسياحة والأعمال التطوعية، اشياء كثيرة جداً ربما ليس هذا الوقت لشرحها.

الرغبة في التطور

أول ما دخل الكمبوتر إلى ليبيا كنت مصمم على تعلمه لأني عرفت انه المستقبل وبدأت بتعلم الطباعة على الآلة الكتابة القديمة حتى يمكنني استخدام الطباعة على الكمبيوتر واكون جاهزاً واخذت دورة في المعهد العالي للعلوم الإدارية على لغة الدوس واستخدام البيانات وكان وقتها شاشة سوداء قبل اختراع الميكروسوف، وكنت لا افوت دورة في تعلم اللغة الأنجليزية. وهنا اتوقف لحظة واتذكر انه في النصف الاخر من الكرة الارضية كان شخص يفكر بنفس الطريقة ويسلك نفس المشوار وهو الصيني جاك ما مؤسس امبراطورية التجارة العالمية المسيطرة على العالم اليوم، لكن كنا في ظروف بلدين مختلفين وعقلية شعب مختلفة. كنت واحداً من الشعب ممنوع من العمل في أى مكان حتى احصل على شهادة إنهاء الخدمة العسكرية أو استمر في الدراسة واحصل على تأجيل الخدمة العسكرية.

أن تكون ليبي

في تلك الأثناء علمني صديقي من لبنان كيف احصل على أي عمل بشرط أن اقول أنني لست ليبي وأنني لبناني أو أي جنسية أخرى وفعلاً عملت في المقاولات بكل أنواعها ومرتين قلت أني ليبي تم طردي من العمل منهم شركة مقاولات ليبية بحجة أنني لا املك شهادة انهاء الخدمة العسكرية، عن طريق هذا الصديق تعلمت الكثير في مجال المقاولات والسباكة والخدمات اللوجستية. هذا الشئ كان ايضاً موجود في السعودية فكان المجتمع والدولة لا يقبلون ان الشاب السعودي يعمل حتى تم سن قانون السعودة وتخلصوا من هذه الظاهرة وتطور الشباب بشكل كبير في المشاريع وريادة الأعمال خلال السنوات الأخيرة.

أين انا من الدراسة؟

طبعاً اكملت دراسة الثانوية وحاولت الدخول إلى كلية البحرية ولكن تم رفضي وقبول ابن عم صديقي اللبناني لانه يملك واسطة، حاولت الدخول لكلية الهندسة العسكرية لكن تم رفضي لان شخصية كبيرة كان يدرس في نفس الدفعة.

حاولت الدخول لكلية الاقتصاد تم رفضي حاولت الدخول لكلية الاعلام تم رفضي بحجة ان دراستي علمي وليس أدبي حاولت الدخول لكلية الهندسة قالوا لي العام القادم، ولم اجد امامي إلا المعهد العالي للهندسة الميكانيكية ودخلت إلى المعهد رغبة في دراسة تخصص الألكترونيات لكن المدير فرض على أن ادخل قسم لحام انابيب النفط لانه تخصص جديد ولا احد يريد الدخول فيه.

تخرجت من المعهد العالي بدرجة مهندس وتخصص مهندس لحام أنابيب النفط ووقتها لم استطع الهجرة والسفر مثل ما فعل جاك ما وسافر إلى امريكا واكمل حلمه، اما انا اضطررت للبقاء في انتظار رحمة الدولة لان اتعين.

العمل

خلال سنوات الدراسة لم انقطع عن العمل والتجارة وعملت سائق لاندروفر لجر السيارات وتعرفت على الكثير من الناس مازالت على تواصل مع بعضهم إلى اليوم، وفتحت شركة أعمال نظافة وخدمات ومغسلة فرش، لا اريد شرح تفاصيل المشاكل التي واجهتني من اشخاص يعملون في مناصب مهمة في الدولة حتى لا يتهمني البعض بتشويه صورة الدولة.

تركت كل شئ وسافرت إلى طرابلس وعملت في شركات اجنبيه مثل شركة المان وونترشال والتي عن طريقها زرت معظم مدن وقرى ليبيا إلى اقصى جنوب ليبيا وجنوب شرق وغرب وتعرفت على الشعب الليبي بمختلف ثقافاته وعاداته. وكذلك عملت في المؤسسة الوطنية للنفط في شركة حفر وصيانة ابار النفط وكنت صاحب فكرة الإعلام الألكتروني في المؤسسة التي تبناها المرحوم شكري غانم وكنت احضر معه بعض الاجتماعات قبل أن اقرر السفر والهجرة والسبب ان لوبي الفساد في الشركة وفي المؤسسة كانوا يرسلونني في مهمات طويلة إلى الصحراء حتى اكون بعيداً عن الأعلام.

السفر

في تلك اللحظة قررت أنني لن استمر وسافرت إلى السويد وقدمت استقالتي من هناك.

في السويد أسست شركة خدمات نفطية في نهاية عام 2010 واغلقتها بسبب الاحداث واسست المؤسسة الوطنية لحماية الحقوق والحريات وفتحت شركة نظافة وعملت في خدمات صيانة وتجديد الفيلات في قرية في السويد واسست صفحة الجالية الليبية في السويد لمساعدة الليبيين للحصول على المعلومات وتبادلها حول السويد والعمل والسكن وهي الان من احدى اشهر الصفحات في أوروبا ان لم تكن الأولى، اسست موقع اخبار السويد اليوم ثم بدأت في نفس الوقت بالتجارة وبيع اكسسوارات الهواتف ثم فتحت موقع على النت، في فترة كورونا فتحت شركة نقل تكسي وبدأت العمل عليه إلى الوقت الحالي لكتابة هذه السطور إلى جانب أنني فتحت موقع أخر للتجارة الألكترونية وصار عندي موقع www.noahbaba.com و www.markettreasure.shop

ولادة المستثمر الليبي

في السنوات الأخيرة من خلال متابعتي للوضع في ليبيا أكتشفت أن ليبيا تتعرض يومياً لهجمات الكترونية وسرقات وعمليات نهب وسرقة ونصب واحتيال من عصابات عالمية ودولية وحتى رؤساء دول أوروبية وكنت أفكر في ما هو الحل؟ اكتشفت أنه كما تكون النار من عود كبريت صغير فأن عمليات النصب والإحتيال تقوم من افراد ومجموعات صغيرة أي من القاعدة الداخلية في ليبيا سواء من ليبيين أو من أجانب وهم الأغلبية، من ضمن الأشياء التي توصلت لها أن الناس متضايقين من الوضع الأقتصادي ويرغبون في تحسين معيشتهم والحصول على حياة كريمة ورفاهية مشروعة والأفضل الوصول إلى الحرية المالية.

الكثير من الليبيين حاولوا الاستثمار في اموالهم مع اشخاص قاموا بالنصب عليهم وسرقة اموالهم كانت هذا ظاهرة ليست في ليبيا فقط بل في عدة دولة اقربها مصر وقصة مستريح الصعيد التي فتحت الابواب للتحقيق والوعي من مثل هؤلاء المحتالين.

من هنا جاءت فكرة المستثمر الليبي للحد من التعرض لهؤلاء المحتالين خاصة ان ليبيا لديها الفرصة الكبيرة والامكانيات العديدة التي قد لا يراها الشخص الموجود داخل ليبيا، ومن خلال الامكانيات التي لدي مثل حرية السفر والتنقل حول العالم وامكانية فتح أي مشروع في أي دولة بحقوق محمية بقانون الإتحاد الأوروبي يمكن التوسع مستقبلاً في مشاريع اكبر خارج ليبيا تحقق فعلاً الحرية المالية والرفاهية الاقتصادية لكل مستثمر ليبي بالطريقة الصحيحة وفي إيادي أمينة.

النهاية

هذه النبذة كتبتها حتى يكون المستثمر على دراية مع الشخص الذي يستعامل معه ويأخذ صورة واضحة على أن امواله موجودة في مكانها الصحيح وفقاً للشريعة الإسلامية المبنية على الامانة والربح والخسارة.

وفقني الله واياكم

منصور عاشور القزيري